يمثل قياس الرأي العام أهمية كبرى لدى الحكومات، سواء من خلال قدرتها على استشراف رأي عام يمكِّنها من اتخاذ القرار، سواء لتلبية حاجة مجتمعاتها، أو التعامل مع المشكلات المستجدة، أو تصحيح رؤيته حيال القضايا التي يستهدفها هذا القياس. و تكمن أهميته في كونه أحد قنوات الاتصال المباشر بين الحكومات والشعوب، وهو أحد القنوات المهمة في استشراف تلك الرؤى الجماعية حيال قضايا وطنية أو مواقف جماعية أو مسائل مستجدة تستلزم أخذها بعين الاعتبار عند وضع القرار على مائدة المسئول من خلال رؤية تقدمها تلك الاستطلاعات،. خاصة إذا ما كانت استطلاعات تقوم عليها مراكز مهنية ومحترفة ومستقلة .
وهناك ثلاثة طرق لقياس الرأي العام :
1 – طريقة الاستفتاء :
والاستفتاء عبارة عن مجموعة من الاختبارات والطرائق القصد منه الوقوف على الرأي العام .
وتتلخص هذه الطريقة في اختيار عينة من جمهور الرأي العام يتم اختيارها بدقة بالغة وتوجه إليه العديد من الأسئلة التي تحوي موجزًا كاملا عن المشكلة العامة المراد قياس اتجاهات الرأي العام حيالها .
ويتم سؤال الأفراد إما بتسليمهم استمارة الاستفتاء شخصيًا أو ترسل إليهم بالبريد أو تذاع على الجمهور عن طريق أجهزة الإعلام ، وتشرع بعد ذلك في دراسة الإجابات واستخلاص النتائج عن طريق إحصاءات رياضية أو رسوم بيانية أو غيرها من الطرائق المختلفة .
ويمر الاستفتاء بعدة مراحل :
أ ) الخطة العامة :وهي عبارة عن وضع عامة المشكلة المراد قياس الرأي العام حيالها ويتم دراسة هذه المشكلة بعناية فائقة وتوضع الافتراضات المتنوعة عن إمكانيات تنفيذ خطة الاستفتاء حسب طبيعة المشكلة ثم اختيار أنسب وسيلة للبحث سواء عن طريق وسيلة التسجيل الذاتي وأداتها استمارة الاستفتاء وهي التي يقوم الفرد بملئها بنفسه للرد على الأسئلة المبينة بها عن المشكلة المطروحة للقياس ، وإما عن طريق وسيلة الأداء الشفهي وأداتها .
كشف البحث وهو الذي يقوم الباحث القائم بالقياس بملئه بنفسه عن طريق اتصاله بالأفراد .
ب ) تصميم استمارة الاستفتاء :وهي من اخطر مراحل قياس الرأي العام بطريقة الاستفتاء حيث أن (( الدقة في اختيار الأسئلة وطريقة إعداد الاستمارة ، وما تتضمنه من بساطة ووضوح ومراعاة نفسية وظروف الأفراد الموجهة إليهم هذه الاستمارة يكون لها أثر كبير في صحة أو عدم صحة النتائج المستخلصة من عملية الإجابات على هذه الأسئلة )) .
ويجب أن يراعى في إعداد أسئلة استمارة الاستفتاء : عدم الغموض وحسن الصياغة ، وعدم استعمال كلمات فنية قد تحمل عدة معان ، وبساطة عرض المشكلة العامة المراد قياسها ومراعاة ثقافة ووعي الأفراد ، وعدم التلاعب بالألفاظ .
جـ ) اختيار العينة :يتم اختيار العينة بمراعاة التعداد العام لجمهور الرأي العام وطبيعة هذا الجمهور ، من حيث السن والثقافة والوضع الاقتصادي والاجتماعي وغير ذلك من الاعتبارات حتى تكون العينة ممثلة لكافة فئات جمهور الرأي العام المراد تطبيق الاستفتاء عليه .
ومن طرق اختيار العينة :*
اختيار العيينة بطريقة عشوائية :
لإعطاء الفرصة لجميع الأفراد للتواجد داخل العينة وحتى لا تثور احتمالات التدخل في اختيار أفراد العيينة .
*
اختيار العينة بالطريقة الطبقية :
وتصلح في أحيان كثيرة نظرا لعدم تجانس الأفراد في المجتمع ، فهم يتدرجون في طبقات
متباينة . ويتم اختيار العينة داخل كل طبقة من طبقات المجتمع بطريقة عشوائية وبذلك يتم ضمان حسن اختيار العينة بكونها ممثلة لكافة طبقات المجتمع المتباينة .
*
طريقة الحصة :
وتتم بقيام الشخص المكلف بالقياس ، بمقابلة عدد من الأشخاص لهم صفات اجتماعية أو اقتصادية أو سياسية معينة داخل منطقة محدودة من المجتمع ، وتتم هذه المقابلات حتى يتم الحصول على الحصة المطلوبة لكل طبقة من الطبقات وهنا لا تتم المقابلات عشوائيا ، ولكن الشخص المكلف بالقياس يستخدم أي معلومات تجعله ينتهي من الحصة المطلوبة بسرعة .
د ) تبويب البيانات :بعد جمع البيانات في استمارة الاستفتاء ، يتم تبويب هذه البيانات والإجابة بطريقة متجانسة . (( وذلك بتفريغها في قوائم خاصة إما باليد أو باستخدام الآلات الإحصائية )) .
هـ ) تحليل البيانات والإجابات :في هذه المرحلة يقوم أخصائيو قياس الرأي العام ، بعمليات تحليل للبيانات التي تم تجميعها وتدوين الملاحظات عليها وتفسير نتائجها .
وتمثل هذه المرحلة الحصيلة النهائية لعملية القياس والتوضيح النهائي لرغبات وميول الجمهور .
و ) إعداد تقرير بالنتائج :يقوم الأخصائيون بعد ذلك بإعداد تقرير نهائي لنتيجة القياس موضحا به الملاحظات والتوصيات والنتائج التي تم التوصل إليها . واتجاهات الرأي العام تجاه المشكلة العامة المطروحة .
ويجب أن يتضمن التقرير كافة الخطوات التي تمت خلال عملية القياس والظروف التي صاحبتها ، والعقبات التي تكون صادفت عملية القياس ، ومدى الإقبال من الرأي العام على الاستجابة للإدلاء باتجاهاتهم حول هذه المشكلة المراد قياسها .
ويتم رفع هذا التقرير للمختصين لاتخاذ قراراتهم حول المشكلة العامة المطروحة على ضوء نتائج قياس اتجاهات الرأي العام حيالها .
2 –
طريقة المسح :
. وهي أعم وأشمل من طريقة الاستفتاء لأنها تقوم بقياس الرأي العام الظاهر والكامن ( الخفي ) الذي لا يعلن عنه جماهير الرأي العام لاعتبارات مثل وجود حاكم تسلطي أو الخوف من الجهر بهذا الرأي أو عدم اكتمال المعلومات الكافية عن المشكلة العامة المطروحة . وعدم إلمام جماهير الرأي العام بما تعتزمه السلطة نحو هذه المشكلة .
وتستخدم وسيلتان لقياس الرأي العام عن طريق المسح وهي :
أ )
وسيلة الملاحظة :
وتستخدم هذه الطريقة في عديد من البحوث الاجتماعية والسيكولوجية ، التي تعتمد على عديد من الملاحظين والمراقبين ، لقياس الرأي العام عن طريق ملاحظة جمهور الرأي العام للوقوف على آرائهم عن طريق ملاحظة التصرفات السلوكية . من شائعات ونكات سياسية وتعليقات متداولة بين الجمهور حيال المشاكل العامة .
ب )
وسيلة المقابلة :
وتستخدم هذه الطريقة في جمع المعلومات في بحوث الرأي العام وفي الدعاية والعلاقات الاقتصادية والتسويق . وتعني التبادل اللفظي وجها لوجه بين القائم بالمقابلة ، وبين الشخص أو الأشخاص المطلوبة معرفة آرائهم .
3 – طريقة تحليل المضمون :
تستخدم هذه الطريقة – عادة – في قياس الرأي العام العالمي ، حيث تهتم الحكومات الحديثة بالوقوف على اتجاهات الرأي العام العالمي ، حتى تساير سياستها الداخلية والخارجية الاتجاهات العالمية الحديثة . سواء في مجال السياسة أو الاقتصاد أو غيرها .
ويقوم هذا النوع على دراسة وتحليل وقياس اتجاهات الرأي العام لهذه الحكومات وتلك الشعوب ، بتحليل اتجاهات الصحافة العالمية وأجهزة الإعلام المختلفة من صحافة وتلفزيون ووسائل الاتصال الجماهيري المختلفة .
إعداد / حنين بنت عبدالمحسن