من أهم خصائص الرأي العام الثبات والتقلب، والتبرير، والإبدال والتعويض، الإسقاط والتماثل أو التطابق والتبسيط.
يبقى الرأي العام كامنا حتى تظهر مسألة أو قضية عامة يكون لها رد فعل في النفوس فيحدث التصادم وخيبة الأمل، حينها يظهر في محاولة للتقليل من ذلك ، وفي حال صعب التغلب على الظروف التي سببت خيبة الأمل والتصادم يلجأ الرأي العام لعمليات التبرير أو الإبدال أو التعويض. يقول دوب: إن من خصائص الرأي العام أنه قد يكون مبنيا على الترشيد والتعقيل والتبرير، وهو بمعناه الواسع تعليل السلوك بأسباب منطقية يقبلها العقل مع أن أسبابه الحقيقية انفصالية. فالتبرير عند الفرد هو تمسكه بسبب ٍ عارض ٍ لينسب إليه فشله ، وكذلك الرأي العام عندما يحس بالتوتر والقلق فإنه يلجأ للتبرير، وقد يستغل الإعلامي تلك الخاصية ليقدم للرأي العام التبريرات التي تساعده على التخلص من ذلك التوتر.
ويمثل الرأي العام مدى ً واسعا بين المعارضة والتأييد، فبين الحدّين النقيضين تتدرج تقسيمات كثيرة في كل نقطة على الخط الواصل بينهما ، ويكون رأي الفرد في إحدى تلك النقاط. ويختلف الرأي العام في درجة العمق والقوة، فكما أن أحد تصنيفات أقسام الرأي العام كان حسب الكمّ وهو المحور الأفقي ، كان العمق والقوة هو المحور الرأسي ، حيث يمكن للمسألة التي تثير آراء لها قوة وعمق أكبر ولو كان ذلك بين عدد أقل من الناس أن توضع في مقام أعلى بالنسبة للمؤسسات المعنية بالرأي العام. ويختلف الرأي العام في درجة الثبات، فعندما يتبنى شخص رأيا بناء على معلومات معينه ثم يرد إليه غيرها مما يوسع أفقه وينمـّي مداركه قد يغيرها وربما إلى نقيضها.
والرأي العام شديد الحساسية بالنسبة للحوادث الهامة. كلما كان الرأي العام عليما بمجريات الأمور كان أقدر على الفهم والحكم الصحيح على الأشياء. وقد تؤدي الحوادث العارضة ذات القوة غير العادية إلى تغيير الرأي العام فجأة ربما من النقيض إلى النقيض مؤقتا ، ثم يستقر الشكل الجديد للرأي العام بعد انتهاء ذلك الحادث وتأمله وتفحصه. ويتكون الرأي حسب المصلحة الخاصة في ذلك الحدث أو بعده، فالأحداث والأقوال وباقي المنبهات تؤثر في الرأي بقدر ارتباطها بالمصلحة الخاصة، فإن شعر الناس أن مصلحتهم الخاصة تتصل بهذا المنبه اتصالا قويا فإن الرأي العام يـُستثار لفترة تتناسب طرديا مع قوة الارتباط بين المنبه والمصلحة. وحين يكون الرأي العام مصدره الرغبة أكثر من المعرفة والعلم فإنه قد يتأرجح تأرجحا كبيرا خاصة في الأحداث المفاجئة.
ذكرنا في تصنيفنا للرأي العام حسب قوة التأثر والتأثير أن هناك قادة للرأي وهناك طبقات أقل منهم معرفة وتأثيرا. حين يشعر الرأي العام أنه يسهم في اتخاذ قرارات معينة فإنه يكون أقل اعتراضا على قيام قادة الرأي العام باتخاذ تلك القرارات الهامة. ويتضمن الرأي العام الإسقاط، فنظن الآخرين يماثلوننا في التفكير ونسقط عليهم من صفاتنا ونفسر أعمالهم حسب ما يجري في نفوسنا. وقد يتضمن الرأي العام التقمـّـُص وهو عكس الإسقاط ، فنماثل الآخرين في تفكيرهم ونتقمص صفاتهم. وحين يكون رموز الإعلام محبوبين فإنه في عملية الإسقاط تتقمص الجماهير شخصياتهم وافكارهم ، فثنائية الإسقاط – التقمص أضحت من أشكال التضامن الاجتماعي والانتماء.
وترتبط العادات والتقاليد ارتباطا وثيقا بالرأي العام مؤثرة ً فيه ومتأثرة ً به. فالعادات هي أنماط السلوك الجماعي التي تنتقل من جيل إلى جيل وتستمر فترة طويلة حتى تثبت وتستقر وتعترف بها الأجيال، وتكتسب العادة احترام الرأي العام وتقديسه. والتقاليد هي ذكريات وتجارب المجموعة في ماضيها. فكانت العادات والتقاليد إطارات للسلوك والاعتقاد لأفراد كل مجتمع فلا يسمح للفرد أن يخرج عنها أو أن يتصرف بما يتنافى معها. فهي قوالب مهيبة ٌ جليلة للتفكير والعمل في المجموعة. عندما نعلم أن حدثا ً ما يـَكسر أو يعيق عادة ً أو تقليدا ً في مجتمع ما فإننا نتوقع تشكـُـل رأي ٍ عام ٍ معين ٍ تجاه هذا الحدث أو القرار. لذا كانت آراء الشعوب تتباين ولو كان الحدثُ عالميا ً واحدا.
وتتمتع العادات والتقاليد بثبات نسبي عن الرأي العام ولها دور في تشكيله وتوقعه، حينها نطلق على هذا الرأي العام [ الاتجاه العام ] أو [ الطابع العام ] للأمة.