HMSMILA Admin
عدد المساهمات : 175 تاريخ التسجيل : 13/03/2009 العمر : 43
| موضوع: لن تغرق سفينة الدعوة السبت 16 مايو 2009, 5:20 am | |
|
إن العبارات القاسية والتصريحات الصحفية المتكررة و التدخلات عبر الفضائيات المهرجة منها والجادة, بما فيها تلك التي طعنت أكثر من مرة بخناجر السم قلب الأمة الجزائرية كلـها لا تخدم الدعوة في شيء ولا يسعد بها الإخوان الذين ساروا منذ السبعينات على نهج المحبة والإثار, أيا كان المعسكر المتخندقين فيه سواء أكان معسكر الشرعية القانونية أم الشرعية التاريخية أم الشرعية العالمية.
إن البيانات المركزة على الكثرة العددية لا تعني صحة رأي باطل ولا صواب قول فاسد ولا تعطي وزنا لما لا وزن له. فالأخ العاقل الذي يتبع منهج الإمام البنأ هو الذي يجمع ولايفرق يصبر ولا يصرح, يعمل في صمت والأضواء بالنسبة له أقسى البيئات وأضيق الفضاءات. والآن اعترف بأنه في حركتنا اختلطت المسائل المعروفة بغير المعروفة والمفهومة بغير المفهومة, وتضاربت المصالح الظاهرة والباطنه واحتدم الجدل حتى أفضى إلى خصومة فاجرة تناولت الأعراض, وامتلأت الساحة بالاتهامات التي لم يسلم منها أحد. في وسط هذا الضجيج استفاق النائمون والتحق القاعدون واجتمع المتباينون وتفرق المتحابون حتى زهد الأخ في أخيه، واشتغل المغلوبون على أمرهم بالتصنيف. جرى ذلك بين جموع ساهمت حقيقة لا زيفا في بناء الصرح حديث العهد. وعليه وجب طرح التساؤل التالي: هل الحركة التي جعلت من أستاذية العالم آخر مراحل نشاطها حتى يكون الدين كله لله، ابتليت بما يميز الجماعات الأمية بصفة خاصة والتي تتميز بالتسطيح المبالغ فيه والميل إلى التضخيم. بحيث أصبحت تقاد بالألفاظ ولو كانت فارغة وتتحرك بالأوهام الخاطئة وتسير بالأحلام الزائفة؟ وهل إن بعض القادة أصبح لهم بالمران أو الدراسة دراية بحقيقة الجماعة ونقاط ضعفها، فأصبحوا يعمدون إلى التهييج والتلاعب والإثارة بالألفاظ والكلمات أو رفع الشعارات والرموز وحمل الأتباع على تقديس ما لم يقدسه الشرع؟. ثم ينعتون كل من خالفهم أو يقول مثل هذا بالانحراف. ولقد خيل إلي ذات يوم بأني من أتباع طريقة صوفية بدعيه منحرفة التصور كتلك التي بلغ بها أمر مريديها إلى رؤية كأس الخمر لبنا صائغا في يد الشيخ.حتى لاح شعاع الفهم بأصوله العشرين و أومض بريق الركن العاشر، فأيقنت بأن إعادة صياغة فكر الجماعة في الجزائر بعد هزة المؤتمر الرابع تستوجب من القيادة الشرعية وقيادة التغيير على حد سواء أن يتفطنوا لهذا الخلل العميق في التربية والتكوين. إن حركة تطمح في القرن الحادي والعشرين إلى بلوغ الريادة لن تصلها إلا بالصبر والتحلي بإمكانية الوصول إليه ومن ثم ترك حُبالة الشيطان في الدعوة إلى نسج غزل جديد في كل مرة، كما اقترح بعضهم. لقد كان ولا يزال السؤال مطروحا في مسألة التوفيق بين دال الدعوة ودال الدولة معقدا، محيرا، ولا أعتقد أن التغيير وحده يتمكن من الإجابة عنه ناهيك عن تجسيد ممارسته في المنظور القريب على الأقل. إن مجال الدعوة لم يضق يوما ما في الجزائر وما تحقق من تطبيع للعلاقة بين السياسي والدعوي رغم النقائص لا يستهان به. فالانتكاسة العنيفة للمشروع برمته بسبب الانتقال غير المتدرج للتعددية زادت من صعوبة بلوغ الهدف. وإذا كانت جميع دول العالم اليوم والغالبية الساحقة من سكان المعمورة يرون خطأ -بطبيعة الحال- أن المكان الطبيعي للناطقين باسم الدين هو دور العبادة، فلما العجلة إذا والإسراع في وصم خطوة قصيرة جدا في طريق طويل بالانحراف أو الارتماء في أحضان السلطة، وفي الترشيد والتقويم داخل المؤسسات مندوحة لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد. إن إخواننا مع كل أسف يعرضون علينا خرائط باهتة صممت قبل ثلاثين سنة خلت لنهتدي بها اليوم ونسوا أن المؤسس بنظراته الثاقبة أهدى كل واحد منا بوصلة حساسة. (وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون). إن على أبناء حركة مجتمع السلم المغادرون منهم والباقون أن يعملوا وفق القاعدة الذهبية التي يعرفون وأما المسائل الشائكة والمحيرة فلندعها للتاريخ يحسمها بهدوء وللأيام لتقطع فيها باليقين ولنترك روح البناء تسري في كيان هذه الأمة. أخيرا إذا كان هناك من فائدة تذكر في الشرخ المؤلم الذي حدث للحركة فهي أن يعمل كل فريق بوعي تام على أن لا يتكرر له ما حدث - وأخذ العبرة من قصة العاق لوالديه- وذلك من خلال قراءة متأنية في مسيرة ست سنوات كاملة سبقت الإعلان عن الطلاق الذي كان من جانب واحد، وبذلك فقط: لن تغرق سفينة الدعوة. والله الموفق وهو الهادي إلى سبيل الرشاد
*محمد السعيد بوبكر نائب رئيس المجلس الشوري الوطني
| |
|