قال تعالي: "ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين. فلما آتاهم من فضله بخلوا به وتولوا وهم معرضون. فأعقبهم نفاقاً في قلوبهم إلي يوم يلقونه بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون ألم يعلموا أن الله يعلم سرهم ونجواهم وأن الله علام الغيوب" سورة التوبة الآية "75 - 78".
الوفاء بالعهد محمدة إسلامية وصفة أصيلة في المسلم الصادق لا ينفك عنها ولا تنفك عنه لأنه لا يعرف طريق الغدر ولا يسلكه. ولأهمية صفة الوفاء وأمر الله بها المؤمنين فقال سبحانه: "والموفون بعهدهم إذا عاهدوا".
والمعني: يامن آمنتم بالله إيماناً حقاً كونوا أوفياء بعهودكم مع الله ؟؟؟ ومع أنفسكم ومع غيركم من الناس.
ومن عظمة الإسلام أنه يأمر أبناءه بالوفاء مع المسلمين وغير المسلمين قال تعالي: "وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتي يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه" وإذا كان الوفاء بالعهد خلقاً إسلامياً رفيعاً - فإن الغدر علي النقيض من هذا تماماً - لأن الغدر منقصة ومفسدة ودليل علي ضعف إيمان صاحبه وخسة معدنه.
وللغدر صوره الخبيثة وطرقه الملتوية التي تتنافي تماماً مع المروءة فمن ذلك أن يتنكر الإنسان لماضيه وينسي تاريخه ويحاول إقناع نفسه وإيهام الآخرين بأنه ولد عظيماً ونشأ كبيراً وملك الدنيا يوم مولده.
وكان من الأفضل بل ومن الواجب أن يستحضر ماضيه فيتذكر الفقر والمرض حتي يعرف نعمة الله فلا يكفرها إن الحكيم من لا يفصل بين أمسه ويومه بسور غليظ حتي يعيش الواقع ولا يقع بين مطارق الغرور.
ولقد صور لنا القرآن الكريم مشهد الغدر تصويراً دقيقاً في هذه الآيات مبيناً نهاية الغدر الأليمة والتي انتهت بصاحبها إلي الطرد من رحمة الله لتكون نذيراً للأسوياء.
قال تعالي: "ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين فلما آتاهم من فضله بخلوا به وتولوا وهم معرضون".
ومن صور الغدر أيضاً أن يتنكر الزوج لزوجته أو يغتال درهماً من حقها. أو يستخف بالرباط الذي جمعه بها.
وفي الحديث "أيما رجل تزوج امرأة علي ما قل من المهر أو كثر ؟؟؟ نفسه أن يؤدي إليها حقها. فخدعها فمات ولم يؤد إليها حقها لقي الله يوم القيامة وهو زان ورجل أخذ ديناً لا يريد أن يؤدي إلي صاحبه حقه. فخدعه حتي أخذ ماله. فمات ولم يؤد إليه دينه لله وهذا سرق" رواه الطبراني. معني الحديث
وقد بين الله عز وجل بأن الغدر ينزع الثقة. ويثير الفتن ويمحو الأواصر. ويرد الأقوياء ضعافاً واهنين.
فقال تعالي: "ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثاً تتخذون أيمانكم دخلاً بينكم أن تكون أمة هي أربي من أمة إنما يبلوكم الله به وليبين لكم يوم القيامة ما كنتم فيه تختلفون" سورة النحل/الآية: .92
ومن صور الغدر التي نهي الإسلام عنها أيضاً أن يحل الرجل عقداً أبرمه في سبيل مغنم مادي أكبر أو تتحلل أمة من معاهدة بينها وبين أمة أخري جرياً وراء مصلحة أكبر.
قال تعالي: "ولا تتخذوا أيمانكم دخلا بينكم فتزل قدم بعد ثبوتها وتذوقوا السوء بما صددتهم عن سبيل الله ولكم عذاب عظيم. ولا تشتروا بعهد الله ثمناً قليلاً إنما عند الله هو خير لكم إن كنتم تعلمون" سورة النحل/ الآية: 94 - 95
"وقانا الله شر الغدر وأهله وجعلنا من أهل الوفاء والله من وراء القصد"